لائحة اعتراضية على حكم في اتهام بانتحال صفة الغير وتضليل جهة الضبط
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفضيلة رئيس وقضاة محكمة الاستئناف بالدمام حفظهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
لائحة اعتراضية بطلب الاستئناف مرافعة
على الحكم الصادر من دائرة القضايا التعزيرية ……. بالمحكمة الجزائية بالدمام برقم: (………..)، وتاريخ: 17/02/1441ه، في الدعوى المقيدة بالمحكمة برقم: (…………..)، والمقامة من النيابة العامة، ضد المُدّعى عليه: …………….، هوية وطنية رقم: (………………….)، والذي قضى بسجن المُدّعي عليه المذكور ستة أشهر يحتسب منه مدة إيقافه على ذمة القضية، وتاريخ إيداع الاعتراض في: 25/02/1441ه.
أسباب الاعتراض:
أولاً: من الناحية الشكلية:
لما كانت المادة (194) من نظام الإجراءات الجزائية تنص على أن: (مدة الاعتراض بطلب الاستئناف أو التدقيق ثلاثون يوماً, فإذا لم يقدّم المعترض اعتراضه خلال هذه المدة سقط حقه في طلب الاستئناف أو التدقيق ..)، ولما كان الحكم صادراً بتاريخ: 17/02/1441ه, فيكون الاعتراض مقدّماً في المدة النظامية بشكل صحيح وحرياً بالقبول.
ثانياً: من الناحية الموضوعية:
أصحاب الفضيلة: إن خير ما أبدأ به اعتراضي هو ما جاء في خطاب عمر رضي الله عنه في القضاء لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (… ولا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت نفسك فيه وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق, فإن الحق قديم لا يبطله شيء, ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل, الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك ما ليس في كتاب الله تعالى ولا سنة نبيه ثم اعرف الأمثال والأشباه وقس الأمور بنظائرها…), وعليه أوجز لفضيلتكم أسباب اعتراضي على الحكم فيما يلي:
أولاً: بخصوص الاتهام بانتحال صفة الغير:
أما بخصوص اتهامي بانتحال صفة الغير؛ فأفيد فضيلتكم ولا يخفى عليكم أن هذه جريمة حق خاص متعلقة بالحق الخاص للشخص الذي تم انتحال صفته -لو صح الإدعاء- ومن ثم لا يجوز رفع الدعوى بشأنها إلا بناء على شكوى من الشخص ذاته، وذلك عملاً بحكم المادة (17) من نظام الإجراءات الجزائية ونصها: (لا يجوز إقامة الدعوى الجزائية أو إجراء التحقيق في الجرائم الواجب فيها حق خاص للأفراد إلا بناء على شكوى من المجني عليه)، وحيث لم ترد شكوى من الشخص ذاته فلا تجوز إقامة الدعوى، وعليه تبطل إجراءات رفع الدعوى والتحقيق فيها وما تلاها من محاكمة عملاً بحكم المادة (187) من نظام الإجراءات الجزائية ونصها: (كل إجراء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة المستمدة منها يكون باطلاً)، وعملاً بالقاعدة الشرعية: ما بني على باطل فهو باطل، وعليه ولما كانت المحاكمة وصدور الحكم مبني على إجراء باطل نظاماً فيبطل كل ما بني عليه من إجراءات عملاً بحكم المادة (190) من النظام.
ثانياً: بخصوص الاتهام بتضليل العدالة:
وأما بخصوص الاتهام بتضليل العدالة؛ فأفيد فضيلتكم بأنني لم أقم بتضليل العدالة، ولم أقصد ولا أتعمد ذلك؛ ولا أدل على ذلك من عدم معرفتي هوية المتصل الذي اتصل بي يسألني عن المتهم: ………، وأن غاية ما حدث أن المتهم ……… أخبرني بأنه توجد مشكلة بينه وبين مالك البيت الذي يستأجره، وقد طلب المالك رقم جوال والده، وأنه لا يريد أن يعلم والده بالمشكلة بينه وبين المالك وأنه يحاول حلّها ودياً دون إزعاج والده، ومن ثم أخبرني أنه أعطى المالك رقم جوالي وأخبره أنني والده، وطلب مني إذا اتصل المالك أن أحاول الإصلاح بينهما؛ فعليه ولحسن نيتي ولرغبتي في الإصلاح بينه وبين المالك وعدم إزعاج والده بالمشاكل، ورغبة في فعل الخير والإصلاح بين المسلمين؛ وافقت على ذلك؛ حتى فوجئت باتصال يأتيني ويخبرني بأنهم الشرطة، وأنهم قبضوا على ……….. في اتهام بتصنيع خمور.
إضافة لذلك: فإنه لم يترتب علي فعلي أي ضرر ولا تضليل للعدالة؛ إذ لم أقم بإخفاء أية معلومات عن الجريمة، ولا عن المتهم، كما لم يترتب عليه هروب المتهم، ولا إخفاء أدلة الاتهام، ولا أي إضرار بالاستدلال ولا التحقيق ونتيجته، ولا أي فعل يؤثر على سير القضية؛ مما تنتفي معه تهمة تضليل العدالة فعلياً، ولا يخفى على فضيلتكم القاعدة الشرعية: أن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً، وحيث انتفت العلة ينتفي الحكم ولا تقوم تهمة تضليل العدالة.
ثالثاً: عدم العلم بالجريمة وانتفاء القصد الجنائي:
وتأسيساً على ما سبق بيانه أفيد فضيلتكم أنني لم أكن أعلم بالجريمة المتهم فيها ……………، وأنه عندما وردني اتصال من الشرطة لم أكن أعلم أن المتصل هم الشرطة، وتأكيداً لذلك أطلب من فضيلتكم الرجوع لفرقة القبض التي قامت بالاتصال بي وتفريغ المكالمة التي تمت ليتبين لفضيلتكم أنني لم أكن أعلم بالجريمة ولا بهوية المتصل، ومن ثم ينتفي القصد الجنائي وهو الركن المعنوي للجريمة والذي لا تقوم إلا به، والذي ينصب على عنصري الإرادة والعمل؛ فيجب أن تنصرف إرادة الجاني إلى مباشرة السلوك الإجرامي الضار والمتمثل في تضليل العدالة، ولا يتأتى هذا إلا بعلمه بالجريمة؛ إضافةً لأنني عندما وافقت على ذلك بطلب …….. كان بحسن نية وبغرض فعل الخير والإصلاح بينه وبين المالك ولا يخفى على فضيلتكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً)، وأما ما زعمه المتهم ……… بالباطل من أنه استأجر البيت بطلب مني؛ فهو ادّعاء باطل جملة وتفضيلاً، ولا يخفى على فضيلتكم أن القاعدة في ذلك عدم قبول قول متهم على متهم فيما هم متهمان به سوياً، وهو ما قرره مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة في المبدأ رقم: (130/4)، وتاريخ: 12/12/1421ه، ونصه: (أقوال المتهمين وشهادتهم على بعض لا تؤخذ حجة إذ مثلهم لا تقبل شهادتهم لأنهم يدفعون عن أنفسهم).
رابعاً: لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص:
وبياناً لذلك أفيد فضيلتكم ولا يخفى عليكم المبدأ الذي قررته المادة (38) من النظام الأساسي للحكم بنصها على أنه: (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص شرعي أو نص نظامي)، وبالإطلاع على الحكم محل الاعتراض يتبين لفضيلتكم أنه خلا من إثبات وتقرير نص شرعي أو نص نظامي للجريمة كي يبني عليه الحكم؛ كما قد خلا الحكم من تسبيب شرعي ونظامي، وذلك بالمخالفة لحكم المادة (181) من نظام الإجراءات الجزائية التي قررت: (تصدر المحكمة بعد الحكم صكاً مشتملاً على اسم المحكمة التي أصدرت الحكم وتاريخ إصداره وأسماء القضاة … ثم أسباب الحكم ونصه ومستنده الشرعي)، وهو ما لم تفعله المحكمة إذ لم تسبب حكمها وتذكر الأسباب والأسانيد الشرعية والنظامية ونص التجريم والعقاب؛ كل ذلك ما يجعل الحكم معيباً بعيب القصور في التسبيب ويوجب نقضه.
خامساً: عدم تناسب العقوبة مع الفعل:
وبياناً أفيد فضيلتكم أنه بالنظر لما بدر مني، وأنه كان بحسن نية، وبنية فعل الخير والإصلاح؛ وأنه لم يترتب عليه إضرار بجهة الضبط ولا التحقيق؛ كما لم يترتب عليه تضليل لجهة العدالة؛ عليه أفيدكم أن مدة السجن المحكوم بها لا تتناسب مع الفعل؛ بل هي كبيرة جداً؛ سيما وقد قضيت خمسة أيام بالتوقيف على ذمة القضية، ولا يخفى على فضيلتكم أنه من المبادئ المقررة فقهاً وقضاء في التعزير هو تناسب العقوبة مع الفعل، والبدء بالتدرج في الزجر، وقد نقل الماوردي في الأحكام السلطانية: (أن تأديب ذي الهيئة من أهل الصيانة أخف من تأديب أهل البذاءة والسفاهة)، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم)، وأن العقوبات التعزيرية لم تشرع في الإسلام للزجر فقط؛ بل جمعت في غايتها بين الزجر والإصلاح والتهذيب، وعليه فإقامة العقوبة لابد أن يراعى فيه تحقيق هذه المصالح، وأن الحكم فيها يدور مع المصلحة وجوداً وعدماً، وعليه إذا تحقق المقصود بأيسر وسيلة فلا يصار إلى ما هو فوقها من العقوبة، وقد قال العز بن عبد السلام رحمه الله: (مهما حصل التأديب بالأخف من الأقوال والأفعال والحبس والاعتقال لم يعدل إلى الأغلظ؛ إذ هو مفسدة لا فائدة فيه، لحصول الغرض بما دونه) (القواعد الكبرى للعز بن عبد السلام 1/193)، وعليه فإن ما قضيته بالتوقيف على ذمة القضية فيه الكفاية وزيادة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار مبدأ حسن النية، وعدم تحقق ضرر على الفعل.
أصحاب الفضيلة: لما تقدم من عدم علمي بالجريمة، وعدم علمي بهوية المتصل، ولحسن نيتي في الإصلاح بين الناس وفعل الخير، وانتفاء القصد الجنائي، وعدم وجود شكوى من الشخص الذي تم انتحال صفته، وأيضاً عدم ترتب أية أضرار على فعلي، وأيضاً ما يؤيد ذلك من أنه الإفراج عني بموجب المادة (120) من الإجراءات الجزائية، والتي يشترط لإعمال حكمها بحسب المادة (83) من اللائحة التنفيذية للنظام؛ ألا تقوم أدلة كافية ضد المتهم، وعليه فقد استقر لدى جهة التحقيق عدم قيام أدلة كافية للاتهام، كما أنني قضيت خمسة أيام بالتوقيف على ذمة القضية؛ لذلك كله أطلب من فضيلتكم الآتي:
أولاً: أصلياً: نقض الحكم، والقضاء مجدداَ بعدم إدانتي بما نسب إليّ من انتحال صفة الغير وتضليل العدالة.
ثانياً: احتياطياً: الاكتفاء بما قضيته موقوفاً على ذمة القضية، أو وقف تنفيذ العقوبة عملاً بحكم المادة (214/2).
والله يحفظكم ويرعاكم,,
إعداد: إدارة موقع المستشار القانوني : عبد المنعم محمد يسري السعودية: 0546985353 / مصر: 00201061348296