استشارة في الأمراض النفسية والعقلية وتأثيرها على المسئولية الجزائية
ما مدى تأثير الإصابة بالأمراض النفسية والعقلية على الأحكام الجزائية؟
أخي السائل الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بخصوص استشارتك المشار إليها أعلاه أفيدك بأن الأمراض النفسية والعقلية من عوارض الأهلية، ولا شك أن لعوارض الأهلية أهمية كبيرة في المسئولية الجزائية؛ إلا أنه يجب التحقق ابتداءّ من ثبوت المرض العقلي، ثم مدى تأثيره على الإدراك والتصرف، ومدى ملازمته للشخص، ودوره في ارتكاب الجناية، وقد صدر في ذلك المبدأ الذي قررته المحكمة العليا برقم: (20/2/2)، وتاريخ: 27/04/1433ه، والذي قرر إحالة المُدّعى عليه للمستشفيات النفسية بعد تقديم ما يفيد أنه مريض نفسي، وعليه وعلى حسب ثبوت ما ذكر تفصيلاً فقد يعفى من المسئولية الجزائية؛ فلا يقام عليه الحد أو يعفى من العقبة التعزيرية، وذلك لقول الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، ولقوله تعالى: (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق …)،ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن رجلاً جاءه فقال: يا رسول الله: إنّي زنيت؛ فأعرض عنه حتى أعاد عليه مراراً؛ فقال صلى الله عليه وسلم: أبك جنون؟ فقال الرجل: لا، فسأل صلى الله عليه وسلم: هل أحصن؟ فقال الرجل: نعم، فأمر به ليرجم، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقع العقوبة على الجاني إلا بعد التأكد من قواه العقلية، وهو حديث متفق عليه؛ بل لأهمية ذلك فقد بوّب الإمام البخاري رضي الله عنه له في صحيحه قال “باب لا يُرجم المجنون والمجنونة”.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه؛ وتقبلوا تحيات موقع المستشار القانوني : عبد المنعم محمد يسري
السعودية: 0546985353 / مصر: 00201061348296