لائحة اعتراضية إبطال هبة .. وصية الوارث .. تصرف المريض مرض الموت
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفضيلة رئيس وقضاة محكمة الاستئناف بالرياض حفظهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لائحة اعتراضية بطلب الاستئناف مرافعة
على الحكم الصادر من الدائرة العامة السادسة والخمسون بالمحكمة العامة بالرياض برقم: (……………………)، وتاريخ: ../07/1444ه، في الدعوى المقيدة بالمحكمة برقم: (…………………..)، والمقامة من المُدّعي: …………………………، هوية وطنية رقم: (…………………)، وعنوانه: الرياض، ضد المُدّعى عليها: ……………………..، هوية وطنية رقم: (…………………)، وعنوانها: الرياض، والذي قضى برد الدعوى، وتاريخ إيداع الاعتراض في: ../08/1444ه.
أسباب الاعتراض
أولاً: من الناحية الشكلية :
لما كانت المادة (187) من نظام المرافعات الشرعية قد نصّت على أن: (مدة الاعتراض بطلب الاستئناف أو التدقيق ثلاثون يوماً ويستثنى من ذلك الأحكام الصادرة في المسائل المستعجلة فتكون عشرة أيام وإذا لم يقدم المعترض اعتراضه خلال هاتين المدتين سقط حقه في طلب الاستئناف أو التدقيق)، وكان الحكم صادراً بتاريخ: ../07/1444ه، فيكون الاعتراض مقدماً في المدة النظامية بشكل صحيح.
ثانياً: من الناحية الموضوعية :
أصحاب الفضيلة: إن خير ما أبدأ به اعتراضي هو ما جاء في خطاب عمر رضي الله عنه في القضاء لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (… ولا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت نفسك فيه وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق, فإن الحق قديم لا يبطله شيء, ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل, الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك ما ليس في كتاب الله تعالى ولا سنة نبيه ثم اعرف الأمثال والأشباه وقس الأمور بنظائرها…)، وعليه أوجز لفضيلتكم أسباب اعتراضي على الحكم فيما يلي:
أولاً: وقوع التصرف في مرض الموت:
ولما كان التصرف محل الدعوى تصرف ناقل للملكية قام به مورث المدعين في مرض الموت؛ فإنه قد اجتمع في هذا التصرف ثلاثة أمور غاية في الأهمية لا يمكن غض الطرف عنها عند النظر في الدعوى الماثلة، وهي: (1- كون المتصرف مريض بمرض الموت، 2- كون المتصرف إليه أحد الورثة، 3- كون التصرف بأكثر من ثلث التركة)، ومن ثم فلا يخفى على فضيلتكم ما هو مقرر شرعاً في مثل هذه التصرفات، ومنه ما جاء في الروض المربع (6/29) ما نصه: (وإن كان مرضه مخوفاً لا يلزم تبرعه لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة)، والورثة المدعين لا يقرون بهذه الهبة –الوصية- الباطلة، ولا يجيزونها، وقد جاء في زاد المستقنع كتاب الإقرار: (ومن أقر في مرضه بشيء فكإقراره في صحته إلا في إقراره بالمال لوارثه)، وهو عين ما ينطبق على الدعوى الماثلة كون المدعى عليها زوجة وراثة.
ثانياً: مخالفة التصرف لأحكام نظام الأحوال الشخصية:
وإضافةً لما ذكر أعلاه فإن التصرف قد خالف نظام الأحوال الأحول الشخصية، وذلك لما نصت عليه المادة (172) من نظام الأحوال الشخصية من أنه: (يأخذ كل تصرف ناقل للملكية يصدر من المريض مرض الموت حكم الوصية إذا كان تبرعاً)، وفي ذات السياق نصت المادة (179) من النظام على: (لا وصية لوارث إلا إذا أجازها بعد الوفاة باقي الورثة)، وعليه فإن جميع الورثة المدعين لا يجيزون هذا التصرف، وبناء عليه فلا ينال من ذلك ما استند إليه الحكم من أن اعتبار الأوراق الرسمية حجة على الكافة كون العبرة بالتكييف الصحيح للتصرف، وقد ثبت بموجب أحكام النظام التي لا يسع الحكم إسقاطها أن التصرف هو تصرف مورث لوارث قد نص النظام صراحة على تكييفه أنه وصية، ونص صراحة على عدم جوازه، وهو ما يجب معه بحث والتحقق والتحقيق في التكييف الصحيح للتصرف وفق أحكام النظام.
ثالثاً: بطلان التصرف لما شابه من الاحتيال على أحكام الشرع والنظام:
وبناء على جميع ما ذكر أعلاه فقد ثبت أن المدعى عليها احتالت على أحكام الشرع والنظام باستغلال مرض المورث لإفراغ ثلاثة عقارات بمبالغ مالية كبيرة مع وجود ورثة؛ فيما تم إفراغ عقارين في يوم واحد بتاريخ: 11/03/1442ه، والعقار الثالث بعدهما بحوالي أربعة أشهر فقط بتاريخ: 12/07/1442ه، وقد توفي المورث خلال ذات العام، ولا يخفى على فضيلتكم حالته المرضية في تاريخ الإفراغ مع كبر سنه، ومن ثم فإن إرادة المدعى عليها واضحة وظاهرة في أخذ ما لا يحق لها بحرمان باقي الورثة مما افترضه الله تعالى لهم في كتابه العزيز، وهو من الحيل المحرمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل)، وقال بن تيمية رحمه الله: (هذا نص في تحريم استحلال محارم الله بالاحتيال)، وقد قال بن القيم رحمه الله: (ومن الحيل الباطلة إذا أراد أن يخص بعض الورثة ببعض الميراث، وقد علم أن الوصية لا تجوز وأن العطية في مرضه وصية أن يقول: كنت قد وهبت له كذا وكذا في صحتي أو يقر له بدين فيتقدم به، وهذا باطل، والإقرارات في مرض الموت لا تصح للتهمة عند الجمهور).
رابعاً: عدم ثبوت دفع المدعى عليها:
ولما كانت المدعى عليها قد زعمت أن الإفراغ كان مقابل ذهب خاص بها باعه المورث واشتغل به؛ فإن ذلك لم يثبت، ولم تقدم أي بينة عليه، ولم تبين كم مقدار هذا الذهب في مقابل هذه العقارات الكبيرة ذات المبالغ المالية المرتفعة جداً؛ كما أنه مما يكذب ذلك أيضاً أنه قد وردت إفادة كتابة العدل كما هو ثابت في صكوك الإفراغ أنها بدون مقابل ولا عوض، ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أن وكيل المدعى عليه في هذه الدعوى الذي زعم هذا الزعم بالباطل من كون الإفراغ مقابل الذهب هو نفس الموثق الذي وثق الإفراغ كهبة بدون مقابل ولا عوض، ومن ثم فقد قصر الحكم في بحث وتحقيق أدلة ودفوع المدعين سيما ما دفعوا به من مرض الموت، وكان الواجب التحقق من ذلك بالكتابة للمستشفى للتأكد من حالته الصحة ومرضه الذي مات فيه.
فلذلك، وبناء على ما تقدم أطلب من فضيلتكم نقض الحكم، وإبطال الهبة، وإثبات تملك الورثة للعقارات المدعى بها.
والله يحفظكم ويرعاكم،،
إعداد: إدارة موقع المستشار القانوني : عبد المنعم محمد يسري
السعودية: 0546985353 / مصر: 00201061348296