لائحة اعتراضية على حكم في جريمة معلوماتية بطلب تشديد العقوبة
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفضيلة رئيس وقضاة محكمة الاستئناف بالمنطقة الشرقية حفظهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
لائحة اعتراضية بطلب الاستئناف مرافعة
على الحكم الصادر من دائرة القضايا التعزيرية ……. بالمحكمة الجزائية بالدمام؛ برقم: (…………)، وتاريخ: 27/03/1441ه، في الدعوى المقيدة بالمحكمة برقم: (…………..)، والمقامة من المُدّعي: ………………، هوية وطنية رقم: (………………..)، وعنوانه: الدمام- …………….، ضد المُدّعى عليهما: ……………………، هوية وطنية رقم: (…………….)، وعنوانه: الدمام- …………..، و………………..، هوية وطنية رقم: (………………….)، وعنوانه: الدمام- …………..، والذي قضى بصرف النظر عن دعوى المُدّعي بطلب تعزير المُدّعى عليهما، وتاريخ إيداع الاعتراض في: 15/04/1441ه.
مضمون الحكم المعترض عليه:
“قضى الحكم محل الاعتراض بثبوت إدانة المُدّعى عليه الأول: ………………………….؛ بالتشهير بالمُدّعي والإساءة له عبر برنامج تويتر ونشر تغريدات تتضمن الحكم عليه بالجلد والاستهزاء به، ومعاقبته عن ذلك بغرامة مالية قدرها خمسة آلاف ريال، وإدانة المُدّعى عليه الثاني: ………………؛ بالشروع في مخالفة نظام مكافحة جرائم المعلوماتية والتحريض عليه، ومعاقبته عن ذلك بأخذ التعهد عليه بعدم العودة لذلك، ورفض طلب المُدّعي بالحق الخاص تعزير المُدّعى عليهما بدعوى إثارته للموضوع”
أسباب الاعتراض:
أولاً: من الناحية الشكلية:
لما كانت المادة (194) من نظام الإجراءات الجزائية تنص على أن: (مدة الاعتراض بطلب الاستئناف أو التدقيق ثلاثون يوماً, فإذا لم يقدّم المعترض اعتراضه خلال هذه المدة سقط حقه في طلب الاستئناف أو التدقيق ..), ولما كان الحكم صادراً بتاريخ: 27/03/1441ه, فيكون الاعتراض مقدّماً في المدة النظامية بشكل صحيح وحرياً بالقبول.
ثانياً: من الناحية الموضوعية:
أصحاب الفضيلة: إن خير ما أبدأ به اعتراضي هو ما جاء في خطاب عمر رضي الله عنه في القضاء لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (… ولا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت نفسك فيه وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق, فإن الحق قديم لا يبطله شيء, ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل, الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك ما ليس في كتاب الله تعالى ولا سنة نبيه ثم اعرف الأمثال والأشباه وقس الأمور بنظائرها…), وعليه أوجز لفضيلتكم أسباب اعتراضي على الحكم فيما يلي:
أولاً: عدم تناسب العقوبة مع الفعل المجرّم:
وبياناً لذلك فإنه لا يخفى عليكم أنه من المبادئ المقررة فقهاً وقضاء في التعزير هو تناسب العقوبة مع الفعل، وعليه ولما كان من الثابت بالدعوى والصك إدانة المُدّعى عليهما بفعل محرم شرعاً، ومجرّم نظاماً، بل ومعاقب عليه بعقوبة تصل في حدها الأعلى إلى: (السجن لمدة تصل إلى سنة مع غرامة تصل إلى خمسمائة ألف ريال) عملاً بحكم المادة (3/5) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، في حين أن الحكم قد اكتفى على أحدهما بغرامة خمسة آلاف ريال، وعلى الآخر بمجرد التعهد فقط؛ عليه فإن العقوبة المقررة غير مناسبة تماماً للجرم الثابت في حقهما؛ سيما مع ثبوته بأكثر من وجه وبينة من: (إقرار وشهادة وتغريدات ورسائل) جميعها تدين المُدّعى عليهما بالتشهير بالمُدّعي بالحق الخاص؛ مما يجب معه تشديد العقوبة عليهما ردعاً لهما وزجراً لغيرهما وجبراً للضرر المعنوي والتشهير والإساءة التي لحقت بالمُدّعي بالحق الخاص؛ سيما وقد أفرط المُدّعى عليهما وتعديا وتجاوزا في الخصومة والتشهير والتعمد بقيامهما بعمل ونشر الإساءة والتشهير عبر وسم منتشر على أوسع نطاق يتابعه أكثر من عشرة آلاف متابع؛ مما يعني أننا أمام حالة من الفجور في الخصومة، وهو أمر محرّم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)، وهو ما يؤكد على لزوم ووجوب تغليظ العقوبة لما في فعلهما من النيل من عرض المسلم والتشهير والسخرية والأذى النفسي والتعدي على كرامة الإنسان والتحقير من شانه، وهو أمر محرم وفيه إضرار بالنفس الواجب حفظها وانتهاكاً للضرورات الخمس الواجب حفظها والتي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها ومخالف لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ).
ثانياً: إغفال الدائرة لطلبات أساسية بالدعوى:
وبياناً لذلك أفيد فضيلتكم أنه ولما ثبت لدى الدائرة إدانة المُدّعى عليهما بما نسب إليهما من الجريمة المعلوماتية محل الدعوى، وكان من ضمن طلبات الدعوى؛ طلب الحكم بمصادرة جوالات المُدّعى عليهما، وإغلاق المعرفات الخاصة بهم في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، والمستخدمة كلها في الجريمة؛ إلا أن المحكمة عند النطق بالحكم والتسبيب لم تتعرض لذلك الطلب لا بالقبول ولا بالرفض، ولم تسبب لذلك في حكمها مما يجعل حكمها معيباً بعيب القصور في التسبيب والرد على طلبات الخصوم ودفاعهم، وهو ما يستلزم معه نقض الحكم لإعادة النظر في الطلبات المذكورة وتسبيبها شرعاً ونظاماً، وذلك أن التسبيب واجب في الحكم لتحقيق العدالة وضمان سلامة تطبيق النظام وتحقيق مناطات تنزيل النصوص والأحكام العامة على الوقائع الخاصة؛ مما يؤدي لاقتناع الخصوم بعدالة الحكم ومنطقيته، وتمكين أصحاب الفضيلة قضاة الاستئناف من إجراء الرقابة على الحكم للتأكد من صحته أو بطلانه ولا يتأتى ذلك إلا بتتبع مقدماته ونتائجه وأسبابه التي بُني عليها، ولذلك نصت الأنظمة الشرعية على وجوب تسبيب الحكم عند صدوره والنطق به ومن ذلك المادة (163) من نظام المرافعات الشرعية التي نصت على: (بعد قفل باب المرافعة والانتهاء إلى الحكم في القضية يجب تدوين الحكم في ضبط المرافعة مسبوقاً بالأسباب التي بُنِيَ عليها …)، والمادة (164) من ذات النظام والتي تنص على: (ينطق بالحكم في جلسة علنية بتلاوة منطوقه أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه …)، وأيضاً المادة (166) من ذات النظام والتي نصت على وجوب تضمين الحكم للأسباب التي بني عليها، إلا أن الدائرة لم تفعل ذلك على الرغم من نص المادة (13) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية على مصادرة الأجهزة أو البرامج أو الوسائل المستخدمة في الجريمة، وإغلاق المواقع -أو الحسابات الالكترونية- الصادر منها الجريمة.
ثالثاً: مخالفة الحكم لأحكام النظام واجبة التطبيق:
وبياناً لذلك أفيد فضيلتكم أن الحكم محل الاعتراض قد أثبت في منطوقه إدانة المُدّعى عليه الثاني بالتحريض على ارتكاب الجريمة المعلوماتية محل الدعوى؛ في حين أنه اكتفى بالحكم عليه بالتعهد فقط، وهو الأمر المخالف لحكم المادة (9) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية ونصها: (يعاقب كل من حرَّض غيره، أو ساعده، أو اتفق معه على ارتكاب أيٍّ من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام؛ إذا وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض، أو المساعدة، أو الاتفاق، بما لا يتجاوز الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها، ويعاقب بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها إذا لم تقع الجريمة الأصلية)، وعليه فإنه وإن كان ثبت لدى الدائرة وقوع الجريمة بناء على هذا التحريض الثابت لديها؛ فإنه يتوجب الحكم على المُدّعى عليه المذكور بما لا يتجاوز الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها، وإن كان ثبت لديها عدم وقوع الجريمة بناء على هذا التحريض؛ فإنه يتوجب عليها الحكم عليه بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى المقرر للجريمة، وهو السجن لمدة تصل إلى (6) شهور، والغرامة التي تصل إلى (250.000 مائتان وخمسون ألف ريال)، وعليه ولكون المنظم قد وضع عقوبة مخصصة للجريمة محل الدعوى، وقد ثبتت لدى الدائرة؛ لذا فيتوجب عليها إعمال أحكام النظام؛ إذ إن النظام ما وضع إلا ليطبق، وهو ما يستوجب نقض الحكم لإعادة النظر في العقوبة المذكورة.
رابعاً: عدم صحة ما خلصت إليه الدائرة في تسبيب حكمها:
وبياناً لذلك أفيد فضيلتكم أن الدائرة سببت حكمها بما يقر المُدّعى عليه على مخالفة النظام، وذلك عندما قررت صرف النظر عن طلب المُدّعي بالحق الخاص تعزير المُدّعى عليهما بدعوى أنه هو من أثار حفيظتهم، وهو أمر غير مقبول نظاماً لما فيه من إقرار المُدّعى عليهم بمخالفة النظام والتشهير والإساءة بي على أوسع نطاق؛ إذ إن وليّ الأمر قد وضع أنظمة شرعية وجهات أمنية ومؤسسات قضائية ليلجأ إليها من له حق ليستقصي حقه عبر تلك القنوات الشرعية والنظامية، لا أن يكون الأمر فوضى بين الناس بتبادل الانتهاكات والجرائم بدعوى إثارة الحفيظة، وهو الأمر المرفوض شرعاً ونظاماً لما فيه من التشجيع على الفوضى وانتهاك الأنظمة والتعدي على السلطات المختصة بالدولة؛ كل هذا مع افتراض صحة ما ذهبت إليه الدائرة من إثارة حفيظته كما ذكرت؛ وهو الأمر الذي لا أسلم به إطلاقاً، إذ إن ما ذكره لم يثبت شرعاً ولا نظاماً، وقد اشترط المنظم لثبوته سلوك إجراءات نظامية وجوبية؛ ذلك أن دعوى إثارة حفيظته بإحدى التغريدات هو أمر مشمول نظاماً بالتشهير عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة والمنظمة بنظام مكافحة جرائم المعلوماتية، وبالتحديد المادة (3/5) من النظام والتي نصت على: (التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة)؛ وعليه فهي من الجرائم الواجب فيها تحقيق من النيابة العامة قبل رفع الدعوى؛ ثم يكون رفع الدعوى عن طريق النيابة العامة بعد إجراء التحقيق اللازم وفق الإجراءات النظامية المتبعة، وذلك عملاً بحكم المادة (15) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية ونصها: (تتولى هيئة التحقيق والادعاء العام؛ التحقيق والادعاء في الجرائم الواردة في هذا النظام)،وعليه يكون طلب ودفع المذكور مخالف للأنظمة الواجبة التطبيق بعدم سلوك السبيل التي أوجبها النظام وأخل بشرط التحقيق الواجب من قبل النيابة العامة؛ وهو ما يجعل دعواه ودفعه وطلبه غير مقبول نظاماً، ولا يصح أن يبنى عليها الحكم.
فلذلك، وبناء على جميع ما تقدم أطلب من فضيلتكم نقض الحكم، وتشديد العقوبة على المُدّعى عليها تطبيقاً لأحكام المواد (3/5 و9 و13) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
والله يحفظكم ويرعاكم,,
إعداد: إدارة موقع المستشار القانوني : عبد المنعم محمد يسري
السعودية: 0546985353 / مصر: 00201061348296