مذكرة في الدفع بعدم اختصاص المحكمة التجارية
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب الفضيلة الشيخ/ ………………؛ القاضي بالمحكمة التجارية بالرياض حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مذكرة جوابية
في الدعوى المرفوعة من المُدّعية: مؤسسة …………………… سجل تجاري رقم: (………………..)، ضد المُدّعى عليها: مؤسسة ……………….. سجل تجاري: (………………….)، والمقيدة بالمحكمة التجارية بالرياض برقم: (………………..).
بالإشارة إلى الموضوع أعلاه؛ أوجز لفضيلتكم ردي على ما جاء بمذكرة المُدّعية فيما يلي:
المُدّعية أسست ردها في مذكرتها السابقة على اعتقاد غير صحيح؛ مرده عدم العلم بالأنظمة الشرعية التي سنها وليّ الأمر لتنظيم العمل بمرفق القضاء، وقواعد الاختصاص التي هي من النظام العام ولا يجوز مخالفتها؛ ضاربة بذلك كله عرض الحائط، وعليه أسست جوابها على زعم اختصاص المحاكم التجارية بدعوى أن المؤسسة تم قيدها في السجل التجاري، وهو اعتقاد غير صحيح؛ نظراً لما تم ذكره بمذكرتنا السابقة من أدلة نظامية وسوابق قضائية وتعاميم صادرة من المجلس الأعلى للقضاء، وأما بخصوص ما زعمته المُدّعية من اكتساب المؤسسة صفة التاجر لمجرد قيدها بالسجل التجاري؛ فهو غير صحيح، إذ إن نشاط المؤسسة المُدّعى عليها هو عمل ذهني واستثمار للملكات الفكرية، وهي لا تمت للتجارة بصلة ولا تكتسب صفة التاجر حتى لو تم قيدها بالسجل التجاري أو مارست أعمالها على سبيل التكرار، وهو ما قررته هيئة التدقيق التجاري في مبادئها ومن ذلك ما يأتي:
1) المبدأ الذي قررته هيئة التدقيق التجاري ذي الرقم: (133/ت/4)، لعام: 1409ه، والذي قضى بعدم اختصاص المحاكم التجارية بنظر الدعوى مقرراً أن: (ممارسة مهنة الطب ولو بفتح عيادة أو مستشفى لا يعد من الأعمال التجارية)، ومعلوم أن العيادات والمستشفيات يتم قيدها بالسجل التجار؛ مما يبطل زعم المُدّعية بأن كل مؤسسة يتم قيدها بالسجل التجاري تكتسب صفة التاجر.
2) المبدأ الذي قررته هيئة التدقيق التجاري ذي الرقم: (127/ت/4)، لعام: 1413ه، والذي قضى بعدم اختصاص المحاكم التجارية بنظر الدعوى مقرراً أن: (عمل المكاتب الهندسية ليس تجارياً، ولا يعتبر المهندس تاجراً حتى لو باشر عمله على سبيل التكرار)، ومعلوم أيضاً أن المكاتب الهندسية يتم قيدها بالسجل التجاري.
3) المبدأ الذي قررته هيئة التدقيق التجاري ذي الرقم: (205/ت/4)، لعام: 1412ه، والذي قضى بعدم اختصاص المحاكم التجارية بنظر الدعوى مقرراً أن: (بيع الإنتاج الذهني نتاج فكر وعقل وهو لا يعد عمل تجاري).
4) المبدأ الذي قررته هيئة التدقيق التجاري ذي الرقم: (74/ت/4)، لعام: 1412ه، والذي قضى بعدم اختصاص المحاكم التجارية بنظر الدعوى مقرراً أن: (المنازعة المطروحة ليست ذات صبغة أو طابع تجاري لا من قريب ولا من بعيد، فهي منازعة على نتاج ذهني، والإنتاج الذهني ليس له صفة تجارية).
5) المبدأ الذي قررته هيئة التدقيق التجاري ذي الرقم: (34/ت/3)، لعام: 1428ه، والذي قضى بعدم اختصاص المحاكم التجارية بنظر الدعوى مقرراً أن: (تقديم الاستشارات لا يعد عمل تجاري وإنما هو من قبيل الأعمال المهنية).
فلذلك، ولما كانت المؤسسة المُدّعى عليها مؤسسة تعمل في نشاط “إقامة وتنظيم المعارض” بموجب السجل التجاري المرفق (مرفق1)، وهو عمل غير تجاري؛ بل هو استثمار للملكات الفكرية لتقديم خدمات التنظيم والتنسيق والإعداد، وما يتحصل عنها ليس أرباح تجارية وإنما هي أتعاب لتلك الخدمات، وقد نصت المادة (1) من نظام المحكمة التجارية على: (التاجر هو اشتغل بالمعاملات التجارية واتخذها مهنة له)، وعليه قد صدر تعميم المجلس الأعلى للقضاء ذي الرقم: (3392)، وتاريخ: 13/03/1439ه، والذي ينص في البند “ثامنا” منه على: (لا تكتسب الشركة صفة التاجر إذ لم يكن نشاطها مزاولة عمل تجاري ولو كانت خاضعة لنظام الشركات وذلك كالشركات التي غرضها مزاولة أي من الأغراض الآتية: (المستشفيات- التعليم- الاستشارات الهندسية- المحاسبة- تقديم خدمات للحجاج- خدمات التخليص الجمركي- الشركات الزراعية) ونحوها.
وتأسيساً عليه، ولكون عمل المؤسسة المُدّعى عليها ليست تجارية ولا تختص المحكمة التجارية بنظر الدعوى ضدها؛ فقد جرى العمل بالمحاكم واستقرت أحكام القضاء على الحكم بعدم الاختصاص بنظر نفس الدعوى ضدها، ومن ذلك الحكم الصادر من المحكمة التجارية بالرياض في دعوى مماثلة تماماً (مرفق2).
وعليه، ولكون جميع ما ذكر أعلاه، ينطبق تماماً على المؤسسة المُدّعى عليها؛ إذ إن عملها هو نتاج ذهني وفكري ومهني واستثمار للملكات الفكرية بتقديم خدمات التنظيم والتنسيق والإعداد، وما يتحصل عنها ليس أرباح تجارية وإنما هي أتعاب لتلك الخدمات، ولكون النظام ما وضع إلا ليطبق، ولما أجمع عليه علماء الإسلام وفقهاؤه من أن من قضى في غير ما وُلّي به فحكمه باطل ولا تترتب عليه أية آثار، ولأن وليّ الأمر قد وضع قواعد آمرة لتنظيم اختصاصات المحاكم؛ لذا وجب على القضاة الالتزام بذلك وإتباعه كونهم معزولون بذلك عن سماع الدعاوى الخارجة عن اختصاصهم، ولكون قواعد الاختصاص الولائي من النظام العام التي لا يجوز مخالفتها، وحفاظاً على ثمن وقت فضيلتكم، وحرصاً منّا على عدم إشغال مرفق القضاء وتعطيل سير العدالة بقضايا خارجة عن الاختصاص الولائي لعدالة المحكمة؛ فإننا نرجئ الخوض في موضوع الدعوى إلى حين طلب فضيلتكم منّا ذلك، مع استعدادنا التام للرد على موضوع الدعوى وإثبات عدم صحتها جملةً وتفصيلاً؛ إلا أننا نتمسك بالدفع بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة، وعدم جواز مخالفة النظام العام في ذلك، ووجب تصدي المحكمة لتلك المسألة من تلقاء نفسها ولو لم يطلبه الخصوم عملاً بحكم المادة (76) من نظام المرافعات الشرعية.
فلذلك؛ وبناء على جميع ما تقدم: أطلب من فضيلتكم الحكم برد الدعوى لعدم الاختصاص.
والله يحفظكم ويرعاكم،،
إعداد: إدارة موقع المستشار القانوني : عبد المنعم محمد يسري
السعودية: 0546985353 / مصر: 00201061348296