أخلاقيات مهنة المحاماة
لا شك أن مهنة المحاماة مهنة نبيلة وشرف كبير وبها أجر عظيم لمن احتسب عمله وأصلح نيته فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ومن مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل الأقدام), وقد نصت المادة (11) من نظام المحاماة على أن: (على المحامي مزاولة مهنته وفقاً للأصول الشرعية والأنظمة المرعية، والامتناع عن أي عمل يخل بكرامتها، واحترام القواعد والتعليمات الصادرة في هذا الشأن), كما نصت المادة (11/1) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة على أن: (على المحامي ألا يتوكل عن غيره في دعوى أو نفيها وهو يعلم أن صاحبها ظالم ومبطل، ولا أن يستمر فيها، إذا ظهر له ذلك أثناء التقاضي), ولذلك على المحامي أن يراعي حكم الشرع ابتداءً في أصل القضية فلا يقبل دعوى ولا يعطي استشارة إلا إذا اطمأنت نفسه لمشروعيتها وأنه لا يترتب على عمله فيها -سواء قبول دعوى أو إبداء رأي أو مشورة- إعانة على منكر، أو إعانة على ظلم. ولا يجوز له الدفاع عن موكله في أمر يعلم بطلانه، وإذا ظهر للمحامي أثناء سير الدعوى أن موكله مبطل فعليه أن ينسحب منه شرعاً، ويستطيع أن يشرط ذلك على الموكل من البداية. وهو الأمر الذي يجعل على عاتق المحامي الفطن أن يدرس “الدعوى أو الاستشارة” جيداً قبل قبول الدعوى أو إبداء الاستشارة, وذلك بفطنة المحامي الحاذق من خلال استقراءه للحال والنظر في الأدلة والقرائن المطروحة أمامه من العميل, فإن وجد فيها شبهة باطل أو تعاون على إثم أو عدوان فإن أمانة وواجب وشرف المهنة تحتم عليه عدم قبول الدعوى أو تقديم استشارة قد يستفيد منها المبطلون في الباطل, وذلك حتى لا يقع المحامي في وعيد النبي صلى الله عليه وسلم: (من خاصم في باطل لم يزل في سخط الله حتى يرجع), ولكي يكون دائماً مناصراً للحق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً؛ فقال رجل يا رسول الله انصره إذا كان مظلوماً أرأيت إن كان ظالماً كيف أنصره؛ قال تحجزه وتمنعه من الظلم فإن ذلك نصره).
كما أنه ثمة آيات كريمة وأحاديث شريفة يجب أن يضعها المحامي نصب عينيه في ممارسته لعمله مثل قوله تعالى: (وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا), وقوله تعالى: (وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا), وقوله تعالى: (هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا), وقوله صلى الله عليه وسلم: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله), وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب الله عز وجل), وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه فإنما أقطع له من النار).
هذا ومما تجدر الإشارة إليه وأن يخص بالذكر “مسائل الأحوال الشخصية” فكثير من المحامين والمستشارين القانونيين إذا عرضت عليه دعوى أو استشارة في هذه المسائل فلا يسارع في رأب الصدع ولم الشمل بل تجده سرعان ما يبادر -بجهل أو بغير قصد- في تأجيج النار وإشعال الفتنة بين الزوجين بتوجيهاته المتسرعة دون النظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة, ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين), ولا يعلم أن كلمة منه في حال الشقاق والغضب بين الزوجين قد تتسبب في هدم أُسر وتفريق وتمزيق بيوت المسلمين وهي الجائزة الكبرى التي يتغيّاها الشيطان كما بالحديث الشريف: (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْت)
إعداد: إدارة موقع المستشار القانوني : عبد المنعم محمد يسري
السعودية: 0546985353 / مصر: 00201061348296