لائحة اعتراضية على حكم خيانة أمانة
أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء محكمة الاستئناف بالدمام حفظهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،
لائحة اعتراضية
في الحكم الصادر من فضيلة الشيخ …….. القاضي بالمحكمة الجزائية بالخبر والصادر برقم : ……., وتاريخ : 15/04/1436 هـ
منطوق الحكم المعترض عليه :
” وحكمت بالآتي :
[1] تعزيزه على خيانة الأمانة للحق العام بسجنه سنة وثلاثة أشهر على أن تحتسب مدة ايقافه فترة التحقيق وجلده مائتي جلدة مفرقة على أربع دفعات متساويات بين كل دفعة والأخرى أسبوع
[2] الزامه بسداد المبلغ المدعى به في الحق الخاص مائتان وثمانية وثلاثون ألف ريال ”
أسباب الاعتراض :
أولاً : من الناحية الشكلية :
لما كانت المادة ( 187 ) من نظام المرافعات الشرعية لعام 1435هـ قد نصّ على أن ” مدة الاعتراض بطلب الاستئناف أو التدقيق ثلاثون يوماً ويستثنى من ذلك الاحكام الصادرة في المسائل المستعجلة فتكون عشرة أيام وإذا لم يقدم المعترض اعتراضه خلال هاتين المدتين سقط حقه في طلب الاستئناف أو التدقيق” , وحيث أن الحكم جرى تسليمه بتاريخ 16/04/1436 هـ فيكون الاعتراض مقدماً في المدة النظامية بشكل صحيح .
ثانياً: من الناحية الموضوعية :
وأما من ناحية الموضوع فإن الحكم قد شابه عدد من العيوب الجوهرية أوجز لفضيلتكم ردي على ما جاء به وذلك في عشرة أوجه على النحو التالي :
أولاً : الخطأ في تكييف الواقعة: حيث أنه وبخصوص أصل البلاغ الذي قدمه المدعي للمطالبة بمبلغ (238.000مائتين وثمانية وثلاثين ألف ريال) فإن المدعي بالحق الخاص نفسه قصر دعواه على المطالبة بالمبلغ موضوع المطالبة ، ورجع عن ما زعمه من اتهامي بخيانة الأمانة والسرقة حيث أثبت في الصفحة الثالثة سطر (18 ) من صك الحكم ما نصه: ” وإذا سدّد المبلغ المدعى به فليس للشركة عليه أي مطالبة بخصوص خيانة الأمانة وذلك لعلمها اليقيني بعدم صحة هذا الوصف الذي تم اتهامي به .الأمر الذي يجعل مطالبتهم حقوقية صرفة بمبلغ مديونية لم أنكره ، وكل هذا ليس فيه حق عام ولا خيانة أمانة ولا ما سوى ذلك .
ثانيا : عدم تضارب الأقوال : ما جاء في أقوال المدعى العام من تضارب لأقوالي أثناء التحقيق فإن هذا غير صحيح ولا يوجد في أقوالي أي تضارب بل أقوالي كلها متسقة مع بعضها البعض فأي تضارب في قولي أن المبلغ سرق مني ولم أنتبه الى أن الشنطة كانت مفتوحة وبين قولي أني لا أعلم كيف حصل ذلك بل هذا هو الأمر الطبيعي لأي انسان يتم سرقته أنه لا يدري كيف تمت سرقته وانه لم ينتبه للسرقة – وقت حدوثها – إذ لو انتبه لها وعلم بها ما كانت تتم السرقة ولأمسك بالسارق ومنعه من سرقته فأين هذا التضارب المزعوم !
ثالثاً: بطلان الإقرار المعد من قبل الشركة : ما جاء في الإقرار المعدّ من قبل الشركة والذي يتضمن أني قمت ببيع السيارات لحسابي الخاص فإن هذا الإقرار غير مقبول شرعاً ولا نظاماً حيث تم التوقيع عليه داخل الإدارة المالية بالشركة تحت الإكراه والتهديد بتوقيفي وترحيلي إذا لم أوقع على الإقرار ، وتحت هذا الضغط النفسي قمت بالتوقيع عليه دون العلم بمضمونه ،كما زعموا أنه في حالة التوقيع سيتم تسوية الأمر ودياً وإعطائي مهلة للسداد وقد تبين هذا بالفعل في الجلسة حيث أقر المدعي بين يدي صاحب الفضيلة أنني إذا سددت له المبلغ فليس للشركة عليّ أي مطالبات بخصوص خيانة الأمانة وهو ما يثبت لفضيلتكم أن أمر إكراهي على توقيع الاقرار كان الهدف منه استصدار حكم يتضمن مقدار المديونية فقط وليس لأي منهم مطمع ولا رغبة في اتهامي زوراً بخيانة الأمانة , وأوقفت على إثر ذلك أحد عشر يوما بالتوقيف .
لذا فإن هذا الإقرار باطل لوقوعه تحت إكراه وتهديد وبلا اختيار منّي ، وهو أيضاً مخالف نظاماً للمادة (109) من نظام المرافعات الشرعية التي نصت على أنه :” يُشترط في صحة الاقرار أن يكون المُقر عاقلا بالغ مختارا” وأنا لم أكن مختاراً بل كنت مكرهاً على ذلك وقد جاء عن عمر رضى الله عنه أنه قال : ليس الرجل بأمين على نفسه إن أخفته أو حبسته أو أوجعته , وأُتي رضى الله تعالى عنه بسارق قالوا قد اعترف فقال عمر أرى يداً ما هي بيد سارق ، فقال الرجل والله ما انا بسارق ولكنهم تهددونى فأخلى سبيله ولم يقطع يده .
كما أن الاقرار هذا مخالفا ايضا لنص المادة ( 108 ) من نظام المرافعات الشرعية والتي تنص على أنه : “يجب أن يكون الإقرار حاصلا أمام القضاء أثناء السير في الدعوى المتعلقة بالواقعة المقرّ بها ” والمادة (110 ) من ذات النظام والتي تنص على أنه : “لا يتجزأ الإقرار على صاحبه فلا يؤخذ منه الضارّ به ويترك الصالح له بل يؤخذ جملة واحدة ”
وحاصل الإقرار الذي أقررت به أمام ناظر القضية أثناء السير في الدعوى هو إقراري بمبلغ في عهدتي وأن سبب عدم تسديدي له هو ضياعه وسرقته فالواجب نظاما أن يؤخذ إقراري كاملاً أمام القضاء فلا يؤخذ بعضه ويترك البعض الآخر .
رابعا :انتفاء الركن المادي والمعنوي للجريمة : بناء على ما أوضحته لفضيلتكم في البند ” ثالثا ” فإنني أدفع بانتفاء الجريمة بركنيها المادي والمعنوي , حيث لم يتوافر الركن المادي لكوني لم أقم بالنشاط الإجرامي المتمثل في الاستيلاء على المال لحسابي الخاص وكذلك لم يتوافر الركن المعنوي وهو القصد الجنائي وإرادة القيام بالسلوك المجرّم المعاقب عليه شرعاً ونظاماً ولأجل هذا فإن علاقة السببية منتفية بينهما .
خامساً:الخطأ في تقدير المبلغ: بخصوص المبلغ الصادر به الحكم وقدره: ( 238.000 مائتين وثمانية وثلاثين ألف ريال) فإن هذا المبلغ غير صحيح والصحيح أنني قمت بسداد جزء من المبلغ للشركة وقدره (21.000 واحد وعشرون ألف ريال) بموجب سندات موقعة من الشركة المدعية مرفق لفضيلتكم صورها (مرفق 1 ) لهذا كان لزاماً نقض الحكم لتعديل مبلغ المطالبة .
سادساً :الخطأ في تسبيب الحكم: حيث ورد في الصفحة ( 5 ) السطر الأول قول فضيلته:” وقبول هذا الدفع منه يفضي إلى فتح الباب إلى إبطال العقود المكتوبة والموقّع عليها بحجة عدم العلم بمضمونها ” !!
والحقيقة أن هذا قياس مع الفارق لا يمكن القبول به إذ أن ما نحن بصدده نموذج إقرار وليس عقد ، كما أن ما علّل به حكمه يمكن أن يصدق على العقود المكتوبة الموقع عليها من قبل الطرفين والتي تُعتبر فيها إرادتهم وأهليتهم الشرعية والنظامية وهو ما لم يتوفر في هذه الورقة ، التي هي منتهى بينة المدعي العام ، والتي صدّر فضيلته حكمه تبعاً لها ، مع ملاحظة أن لها عدة عيوب تتمثل في الآتي :
1 – أن هذه الورقة نموذج مطبوع أعدّته وصاغته الإدارة المالية بالشركة ، ويتضح من صياغة العبارة الأخيرة منه أن كاتبها أحد موظفي الشركة الحريصين على مصالحها !! وإذا كان الخصم لايجوز له أن يصطنع دليلاً لنفسه ، لذا فإن هذا الإقرار مشوب بالبطلان .
2 – أن توقيعها كان داخل الإدارة المالية بالشركة بحضور عدد من مسؤولي الشركة ، ولايخفى أنه تنعدم بذلك كل الضمانات وحق الاختيار ولايكون للموظف مجال للرفض لوجود التهديد والإكراه .
3 – أني لم أصادق على هذا الإقرار أمام أي موظف حكومي ، لا أمام الشرطة ولا أمام هيئة التحقيق والادعاء العام ولا أمام القضاء فكيف يعتدّ به فضيلته وهو بهذه الحالة غير المقبولة .
وإذا كان الأصل في المسلم العدالة فإنه لا يعدل عن هذا الأصل إلا بيقين ، والإقرار المزعوم لا يرتقي لأن يكون يقيناً والحالة هذه ، قال صلى الله عليه وسلم ” ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن تخطيء في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ” , وكما هو معروف أن الدعوى لا تثبت إلا ببينة عادلة موصلة أو إقرار اختياري لا شبهة فيه وهذا ما لا يتوافر في هذه الدعوى ، وقد فطن فضيلته لذلك في بادئ الأمر فطلب من المدعي العام مزيد بينة ، وهو ما لم يقم به المدعي العام ، إلا أن فضيلته رجع واعتدّ بتلك الورقة باعتبارها البيّنة المطلوبة !!
سابعاً : الإخلال بضمانات وواجبات التقاضي: حيث أن فضيلة ناظر القضية لم يُدخلني مجلس الحكم وأمرني بالبقاء خارجاً بدعوى أنه مشغول بجلسة أخرى ، ثم خرج عليّ خارج مجلس الحكم وأبلغني بأنه قد حكم عليّ بسنة وثلاثة أشهر ومائتي جلدة مخالفة للمادة 139من نظام الإجراءات الجزائية ونصّها:” يجب على المتهم في الجرائم الكبيرة أن يحضر أمام المحكمة بنفسه مع عدم الاخلال بحقه في الاستعانة بمن يدافع عنه ” ، وماقرره أهل العلم في أدب القضاء من وجوب العدل بين الخصوم من كل وجه ، قال ابن مفلح في كتابه المبدع : ( ويعدل بين الخصمين ) لزوماً في الأصح ، ( في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه ) لما روى عمرو بن أبي شيبة في كتاب ” قضاء البصرة ” عن أم سلمة ، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لفظه وإشارته ومقعده ، ولا يرفعن صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر ” . وكتب عمر إلى أبي موسى : واس بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك ، حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ، ولا يطمع الشريف في حيفك .ا.هـ.
وقال المرداوي في الإنصاف : (12/205)( قوله: ( ويعدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه ) يحتمل أن يكون مراده : أن ذلك واجب عليه . وهو المذهب . قال في الفروع : ويلزمه ، في الأصح : العدل بينهما في لحظه ولفظه ، ومجلسه والدخول عليه . وجزم به في الشرح ) ا.هـ
قال ابن القيم رحمه الله: نهى صلى الله عليه و سلم عن رفع أحد الخصمين عن الآخر، وعن الإقبال عليه، وعن مشاورته، والقيام له دون خصمه، لئلا يكون ذريعة إلى انكسار قلب الآخر، وضعفه عن القيام بحجته، وثقل لسانه بها، ولا يتنكر للخصوم، لما في التنكر لهم من إضعاف نفوسهم، وكسر قلوبهم، وإخراس ألسنتهم عن التكلم بحججهم، خشية معرة التنكر، ولا سيما لأحدهم دون الآخر، فإن ذلك الداء العضال.ا.هـ.
كما أن استعجال ناظر القضية بالحكم جاء مخالفاً لما انتهت عليه الجلسة السابقة من إرجاء الطرفين للصلح والتسوية المالية بينهما ، وإعطاء مهلة لسداد المبلغ وإنهاء الدعوى صلحاً .
ثامناً : مخالفة أصول التحقيق المنصوص عليها بنظام العمل : حيث أن جميع الإدارات المذكورة بالشركة تناولت نموذج الإقرار المكتوب بالقبول والتسليم ولم يقم أحد بالرجوع لمن وقّع عليه للتأكد من حقيقة ظروفه ونسبته إليّ ويمكن الرجوع لملف القضية للتحقق من ذلك ، وفي ذلك مخالفة للمادة ( 71 ) من نظام العمل التي اشترطت إبلاغ العامل كتابة بما نسب اليه واستجوابه وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك في محضر يودع بملفه الخاص.
تاسعاً : عدم تناسب العقوبة مع الفعل : حيث قضى ناظر القضية بسجني سنة وثلاثة أشهر وجلدي مائتي جلدة وهي عقوبة كبيرة على من ثبتت التهمة بحقه ، فكيف والحال أن التهمة لم تثبت بحقي أصلاً لكونها مجرد مديونية مستحقة بذمتي .
عاشراً: أن هذا الحكم يعطل مصالح جميع أطراف القضية: فأي قدرة للسجين في أن يوفي بدينه إذا تم سجنه ومنعه عن العمل وتسديد ما عليه إذ أنه في حالة سجني لن يستفيد هو شيء ولن أستطيع أنا أن أسدد ما بذمتي من عهدة ودين ، كما أن سجني ومنعي عن العمل والنفقة على أسرتي وأبنائي وهو مايرتب عليه ضياعهم وافتقارهم ، قال صلى الله عليه وسلم : كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول .
وبناء على جميع ما تقدم أطلب من فضيلتكم نقض الحكم ، والإكتفاء بتحديد مقدار المديونية وقدرها (217,000مائتين وسبعة عشر ألف ريال ).
والله يحفظكم ويرعاكم ,,
إعداد: إدارة موقع المستشار القانوني : عبد المنعم محمد يسري
السعودية: 0546985353 / مصر: 00201061348296